في خطوة غير مسبوقة، أعلنت كبرى شركات الأمن السيبراني — مثل Microsoft وGoogle وCrowdStrike وPalo Alto Networks — عن إطلاق مبادرة موحدة لتصنيف وتسميات مجموعات القرصنة حول العالم، خصوصًا تلك المدعومة من حكومات أو جهات إجرامية.
المبادرة تهدف إلى توحيد المسميات التي يتم إطلاقها على الجهات الفاعلة في الهجمات السيبرانية، والتي غالبًا ما تختلف من شركة لأخرى، مما يسبب ارتباكًا في تتبع مصادر الهجمات ومشاركتها عالميًا.
لماذا هذه الخطوة مهمة؟
منذ سنوات، كان المجتمع السيبراني يواجه صعوبة في التنسيق بين جهات الأمن بسبب تعدد أسماء المجموعات. فمجموعة واحدة قد تُعرف باسم "Fancy Bear" في تقرير شركة، وتُسمى "APT28" في تقرير آخر. هذا التضارب يؤثر على سرعة الاستجابة والوعي الأمني العالمي.
من خلال المسرد الموحد، ستتمكن الشركات والباحثون والمؤسسات الحكومية من تبادل البيانات بشكل أسهل وأكثر وضوحًا، مما يعزز من قدرة العالم على التصدي للتهديدات الإلكترونية بشكل منظم وفعال.
رأي هاي إكس
نحن في مدونة هاي إكس نعتبر هذه المبادرة تحوّلًا مهمًا في المشهد السيبراني. الخطوة ليست فقط تقنية، بل تمثل بداية لعصر من الشفافية والتعاون العالمي الحقيقي في مواجهة الهجمات السيبرانية المعقدة. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطوة مرهونًا بمدى التزام الشركات بتطبيق المعايير الموحدة، بعيدًا عن المصالح التجارية أو التنافس التحليلي.
التحديات المحتملة أمام توحيد التسمية
على الرغم من أهمية المبادرة، إلا أن الطريق أمامها لن يكون سهلًا. هناك تحديات تقنية وأخرى سياسية قد تُعقّد من تنفيذ التصنيف الموحد، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمجموعات تنتمي لجهات رسمية أو تمارس أنشطتها في ظل حماية قانونية من دول معينة.
كما أن بعض شركات الأمن السيبراني قد تواجه صعوبة في التخلّي عن أنظمتها التصنيفية الخاصة التي طوّرتها على مدار سنوات، سواء لأسباب تتعلق بالملكية الفكرية أو لمجرد اختلاف النهج التحليلي.
لذلك، قد يتطلب نجاح المبادرة التوصل إلى آلية مرنة تسمح بالتكامل التدريجي، مع الحفاظ على دقة التحليلات والاستفادة من الخبرات التراكمية لكل جهة مشاركة.
لماذا نحتاج إلى جبهة سيبرانية موحّدة؟
في ظل تزايد الهجمات الإلكترونية المعقدة التي تستهدف بنى تحتية حيوية، بات من الواضح أن الحلول الفردية لم تعد كافية. تعدد الجهات الفاعلة وتعقيد التكتيكات المستخدمة يجعل من الضروري تنسيق الجهود الأمنية عالميًا، تمامًا كما يحدث في التعاون بين الاستخبارات لمكافحة الإرهاب.
توحيد تسمية الجماعات الإلكترونية وتبادل البيانات بسرعة وشفافية بين المؤسسات الأمنية يمكن أن يحدّ من زمن الاستجابة ويمنع تكرار الاختراقات نفسها عبر دول مختلفة. وهذا يفتح المجال أمام نموذج أمني عالمي قائم على المشاركة الفورية للمعلومات بدلًا من الاحتفاظ بها لأغراض تنافسية أو تجارية.
هذه المبادرة تفتح أيضًا الباب أمام تطوير قاعدة بيانات عالمية يمكن الرجوع إليها، مما يسهل على الشركات الصغرى والمطورين حماية أنفسهم من التهديدات المعروفة دون الحاجة لتحليلات مكثفة.